اضطرابات التوحد .. د. مريم ايليا
ان اضطراب التوحد ما هو إلا نوع من الاضطرابات الارتقائية المعقدة التي تظل متزامنة مع الطفل منذ ظهورها وعلى مدار حياته ، ويؤثر هذا النوع من الاضطرابات الارتقائية على التواصل سواء کان تواصلاً لفظياً، أو تواصلاً غير لفظي ، وأيضاً على العلاقات الاجتماعية وعلى أغلب القدرات العقلية لهؤلاء الأطفال المصابين بالتوحد، ويظهر في خلال السنوات الثلاثة الأولى من عمر الطفل ويفقده الاتصال والاستفادة ممن حوله سواء أشخاصاً أو خبرات أو تجارب يمر بها وهذا النوع من الاضطراب لا شفاء منه تام ولكن الله لا يعجزه شئ ومن الممکن أن يتحسن بالتدخل العلاجي والتدريبي المبکر ويعتبر الأفراد ذوي اضطراب التوحد فئة غير متجانسة من ناحيتي الخصائص والصفات وربما يکون الاختلاف بين فرد وفرد من ذوي اضطراب التوحد أکبر من التشابه.
ولکن هذا لا يعني عدم وجود خصائص عامة يتشابه بها الأفراد الذين تم تشخيصهم باضطراب التوحد کما أن هناك عددًا من الخصائص العامة التي تميز أفراد هذه الفئة وتساعد على تشخيصهم، کون تشخيص أفراد هذه الفئة يتم عن طريق الاختبارات النفسية والمظاهر السلوکية مثل عدم التواصل اللفظي وغير اللفظي كتجنب التواصل بصريا واجتماعيا وبعضهم لديه لزمات مثل لف الاصبع او المشي على اطراف الاصابع او الرفرفة او هز الرأس والجسم الى اخره من الحركات التكرارية ولكن يحذر المرکز القومي للبحوث من أن اضطراب التوحد يمکن النظر إليه ووصفه بشکل أفضل على أنه يعد بمثابة طيف من الاضطرابات التي تختلف في مدى حدة أعراضها، وعمر الطفل عند بداية الاضطراب، والارتباط مع الاضطرابات الأخرى مثل: الإعاقة العقلية أو التأخر اللغوي أو الصرع على سبيل المثال و کذلك قد تختلف أعراض اضطراب التوحد من طفل إلى آخر حتى إنها قد تختلف عند الطفل نفسه من وقت إلى آخر، إذ لا يوجد سلوك واحد معين عادة ما يعتبر هو الذي يدل على ذلك الاضطراب، کما أنه لا يوجد من جانب آخر أي سلوك معين يمکن من خلاله استبعاد تشخيص التوحد عند الطفل على الرغم من وجود شروط عامة ثابتة تستخدم في سبيل تشخيص هذا الاضطراب لدى الأطفال، وبخاصة فيما يتعلق بأوجه القصور الاجتماعي و أن خصائص اضطراب التوحد تبدأ بالظهور منذ الأشهر الأولى، ولکنها تتضح بشکل أکبر بعد سنتين أو ثلاث سنوات من عمر الطفل وتستمر حتى مرحلة البلوغ وما بعدها فتعد الذاتوية أم الإعاقات إذا جازت التسمية لأنها تکاد تجمع بين خصائص ومظاهر وأعراض کافة الإعاقات الأخرى على اختلافها فالأطفال الذاتويين حواسهم سليمة ولکنهم يبدون کمن لا يسمع ولا يرى ولا يتکلم وکأنهم معاقون سمعيا وبصريا ولغويا , ونسبة ذکاء غالبيتهم منخفضة وکأنهم متأخرين عقليا , ويهيمون بخيالهم فى عالم صنعوه بأنفسهم وکأنهم معاقون فکريا , ولا يشعرون بمن حولهم ولا يشعرون بهم ولا يبادلونهم أية انفعالات , أو علاقات الأمومة والأبوة , وکأنهم أيتام بلا أبوين ومحرمون عاطفيا ولا يستمتعون باللعب مع الآخرين , وکأنهم محرومون اجتماعيا وثقافيا وأصبح الاضطراب الذاتوى هو ثاني أکثر الإعاقات العقلية انتشارا لا يسبقه فى ذلك سوى التخلف العقلي فقط , أما متلازمة داون فتأتى بعده مباشرة ورغم ذلك تعانى الكثير من العيادات النفسية من قصور واضح فى تشخيص وعلاج هذا الاضطراب ولذلك عرف بانه اضطراب معقد ومن الضروري توعية الجميع ب كيفية التعامل مع طفل التوحد ويجب فهم سلوكيات طفل التوحد والتركيز على الإيجابيات و تعليم الطفل أساليب لتهدئة غضبه والالتزام بروتين محدد وتوفير منطقة آمنة للطفل في المنزل واصطحاب الطفل عند الخروج من المنزل لانتباه إلى البيئة والانتباه للمثيرات الحسية .
مريم ايليا جيد
ماجستير الدراسات النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة جامعة عين شمس