علوم وثقافة

فن التعاون مع الأعداء. عندما يصبح العدو حليفا ..د.احمد صفوت غنيم

في ظل عالم اليوم الذي تتزايد فيه الانقسامات وتتصاعد فيه حدة الصراعات، يتردد باستمرار الحديث عن التعاون كحل سحري لكل النزاعات. لكن، ماذا لو قال لك أحدهم إن التعاون ليس دائمًا الخيار الأمثل؟ وأن التعامل مع من لا نحبهم أو حتى من نعتبرهم أعداءً، يشكل تحديًا يتطلب شجاعة استثنائية ورؤية جديدة؟

هذه هي الفكرة التي يطرحها الكاتب الكندي آدم كاهانا في كتابه “التعاون مع الأعداء” (Collaborating with the Enemy)، حيث يهدّم الصورة المثالية المتعارف عليها عن التعاون، ليقدّم بدلاً من ذلك رؤية واقعية وعميقة تجمع بين الممارسة والحكمة.

التعاون… ليس دائمًا الحل الأمثل!

يبدأ كاهانا بتصريح مفاجئ: التعاون ليس دائمًا الخيار الوحيد المتاح، خاصةً في المواقف المعقدة والمشحونة بالخلافات وانعدام الثقة. فعندما نواجه أشخاصًا نختلف معهم أو حتى نكرههم، غالبًا ما يتجه رد فعلنا إلى أحد أربع اتجاهات مختلفة:

  • الانصياع: نتجنب المواجهة ونساير الوضع مهما كان ظالمًا أو غير مريح.
  • الإكراه: نستخدم القوة لفرض رأينا دون نقاش أو مشاركة حقيقية.
  • الانسحاب: ننسحب من المعركة ظانين أن الانعزال أفضل من التعامل مع الطرف الآخر.
  • التعاون: نتحلى بالشجاعة لنحاول التوصل لحل رغم كل الخلافات.

فهو لا يرى أن التعاون دائمًا هو “الخيار الأخلاقي” الوحيد، بل يعترف بوجود مشروعية وفاعلية في الخيارات الأخرى، حسب الظروف.

لماذا نتعاون مع “أعدائنا”؟

هل من الممكن أن نتعاون مع من نعتبرهم خصومًا؟ الجواب هو: نعم، ولكن بشروط واضحة. فالعدو هنا لا يقتصر على من يواجهك بالسلاح، بل يشمل كل من يختلف معك في الأفكار أو القيم أو حتى أساليب العمل. التعاون في هذه الحالة يصبح مهارة حياتية ذكية تساعدنا على مواجهة التعقيد بدلاً من الانغماس في دوامة الصراعات المستمرة.

كيف ننجح في التعاون مع المختلفين؟

يقدم كاهانا أدوات ذهنية وعملية، منها:

  • الإصغاء بعمق بدل الرد الفوري بالدفاع.
  • التجربة والتعلم بدل البحث عن حلول مثالية من البداية.
  • الصبر والتحمل بدل الانسحاب السريع.
  • التواضع الفكري بدل التمسك بالمواقف الجامدة.

الدروس المستفادة

التعاون ليس شعارًا أخلاقيًا يُرفع، بل قرار عملي يُتخذ بناءً على المصلحة والحكمة.
الذكاء العاطفي، القيادة التحويلية كلها تدعم هذه الفكرة: أن نعرف متى نتعاون، ومتى نوقف التعاون، ومتى نتصدى للخصومة بذكاء.

في النهاية

آدم كاهانا لا يدعوك لأن تحب أعداءك، لكنه يدعوك لأن تكون شجاعًا بما يكفي لتتعاون معهم رغم الخلافات. هل تملك الجرأة لتجرب هذه الشراكة الصعبة؟ أم ستظل أسير الانقسام والصراع؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
×