البيانات فى حياتنا 2 … استاذ دكتور صفوت حميدة


انتهينا في المقال السابق الى ان الانسان يولد ومعه بطاقة بياناته منذ اللحظة الاولى له فى الحياة وتتطور بياناته معه مع كل تقدم فى عمره والتحاقه بمراحل تعليمه المختلفة من الابتدائية – وربما قبلها – وحتى التحاقه بالجامعة – هذا بفرض استمراره -مالم يتوقف قبل ذلك فيكتفى طوعا او كرها بما يبلغه أميا كان او غير ذلك. فإذا بلغ مرحلته الجامعية بدآ يبحث عن عمل هنا أو هناك – مقدما سيرته الذاتية التى هى عبارة عن مجمل بياناته المطلوبة للعمل من تخصص وتعليم و تدريب وسنوات خبره وانجازات في مجال خبرته وجميع هذه البيانات إلى جانب سمات شخصيته وطريقة تفكيره و توجهاته و آرائه ومنهجه في الحياة هي من ترجح قبوله فى العمل دون غيره بالطبع وهي فى مجملها بطاقة بياناته الشخصية أيا كان شكلها أو حجمها بما يعرف بملف في جهة العمل يجمع كل تاريخه العلمي و المهني .
و عند التحاقه بالعمل يصبح عضوا فى مجتمع إحصائي اخر له بياته ايضا من تخصص ( صناعي -تجارى-زراعي- خدمى-…) و طبيعة ملكيته ( حكومي-عام-خاص-مشترك-أجنبي) – حجم رأسماله -حجم عمالته-حجم أعماله-حصته السوقية – منافسوه- ايراداته – نفقاته – ارباحه أو خسائره – و غيرها من العديد من البيانات التى تنقسم بدورها الى بيانات اكثر تفصيلا و جميعها تشكل ملف بيانات المنظمة التى التحق للعمل بها و جميعها تهم أصحاب المصلحة stakeholders من عاملين و عملاء و موردين و جهات الاشراف و الحكومة و مصلحة الضرائب و جميع البيئة المحيطة بها .
و المنظمة التى يعمل بها صاحبنا تنتمي الى قطاع نشاط معين – كما سبق أن ذكرنا ( صناعى أو زراعى أو تجارى آو خدمات …) و هذا القطاع أو ذاك له بياناته أيضا , فله حجم من الانتاج و حجم التوزيع و حجم العمالة وعدد المنظمات التى يتكون منها و نصيبه من التصدير و مساهمته فى الدخل القومى و غيرها من البيانات العديدة و المتعددة .
و من مجموع القطاعات يتكون هيكل الوطن , فيتشكل الاقتصاد القومى و تكتمل المنظومة السياسية و الاجتماعية و الثقافية و منظومة الاعلام و الادب و الفكر و الاثار و كل منها مجتمع احصائى مكتمل له معالمه و مفرداته و خصائصه و بياناته . فتتكون البيانات القومية من حجم السكان و دخلهم القومى و صادراتهم ووارداتهم و الايرادات العامة و النفقات العامة و على شئ ينفقون و فى اى شئ يستهلكون و ماهى أذواقهم و ميولهم و اتجهاتهم و ماهى منظومة قيمهم و اخلاقهم و قناعاتهم و ثقافتهم و جميع ذلك و غيره يمثل المجتمع بتعريفه الاجتماعى الذى يمثل مجموعة من البشر يقيمون على قطعة ارض محددة و يحكمهم عادات و تقاليد محددة . ان هذا المجتمع كما أن له عادات و تقاليد و ارض واحدة إلا ان له ملايين البيانات التى يتم تحليلها وصفا و استدلالا لاتخاذ قرارات تحدد حاضره و مستقبله.