علوم وثقافة

المستشار مينا طلعت … هل التعسف خطأ؟

هل الحق ينتهي حيث يبدأ التعسف؟ وهل التعسف هو خطأ؟ هل يعد التعسف عملا غير مشروع؟

كلمة الحق لها وزن وثقل في الفسلفة و القانون، وبالأحري ايضا اللاهوت، لان هذه الكلمه تمس الله قبل كل شئ وتمس الانسان. فالأعلاء بكلمة الحق واجب علي كل انسان حر وشريف.  فــــــنشأة الفلسفة الفردية كان لها اثرعميق علي المجتمع وظهرت نعرة الملكيات الفردية واستعمال الحق بشكل قانوني سليم،  وربما يتم اساءة استعمال هذا الحق.

ما بين استعمال الحق بشكل أخلاقي وقانوني واساءة استعمال الحق،  تتشكل وجهات نظر مؤيدة ومعارضة حول كيفية استعمال الحق واستثاره؟   ولكن هل التعسف خطأ؟  فما هو اذن التعسف؟   التعسف هو الخروج عن الاخلاق والمبادئ الاجتماعية، وعلي الانسان أن يتحلي بطابع الوسطية  ويتمتع بالمرونة  في حياته المجتمعية لان التشدد في استعمال الحق ربما يؤدي الي امور غير محمودة قد تصل الي نزاعات داخل ساحات المحاكم.

هذه الاشكالية المثارة بسبب المبدأ الروماني الذي قرر قاعدة:-“عدم مسئولية من يستعمل حقه”.  ومازال السؤال مطروح هل الفرد الذي يستعمل حق من حقوقه يكون قد تًعسف في استعمال الحق؟ وهل استعمال الحق يعد خطأ؟ قوام هذا السؤال المطروح:-هو ان استعمال الحقوق، الخاصة او العامة، ينبغي أن تخضع لمبدأ واحد هو أن الشخص ينبغي دائما أن يعمل بعناية، وبطريقة يتحاشي بها الاضرار التي تصيب الغير. فانه لا ينصرف الا لمن يستعمل حقه بحذر وعناية وانتباه،  ومن ثم فان المشكلة تبدو سهلة، وتجد حلها في العودة الي فكرة الخطأ، وهي فكرة تجد معناها دون نظر الي ما اذا كان العمل المكون “للخطأ” قد جري بمناسبة استعمال حق، او بمناسبة اخري غير استعمال الحق، فيعد مرتكبا خطأ تقصيريا من يستعمل حقه بقصد الاضرار بالغير، كما يعد مرتكبا خطأ شبه تقصيري من يستعمل حقه دون قصد الاضرار بالغيرولكن لا يتفق مع استعماله حقه، أي بإهمال أو عدم تبصر ويقظة.   فينبغي في كل حالة يستعمل فيها صاحب الحق حقه حتي ينجو من المسئولية أن يسعي إلي تحقيق الغرض الذي منح من أجله الحق، فإذا خرج عن هذه الغاية يعد غير متبصر، او غير منتبه، ويتحقق عندئذ الخطأ شبه تقصيري، فالخطأ له صور كثيرة، وعدم تحديده تحديدا دقيقا يسمح بإستيعاب حالات كثيرة.   

وقد اكتفي الفقه بإعتبار الخطأ التقصيري انحرافا في السلوك لا يأتيه الرجل العادي اذا وجد في الظروف الخارجية التي احاطت بمن أحدث الضرر، لأن السلوك المألوف هو السلوك الذي اعتاده الناس في حياتهم، فالعادات هي التي تحدد لكل شخص السلوك الذي يجب عليه اتباعه حتي يكون في مأمن من المسئولية، وعلي ذلك فالسلوك الذي لا يطابق هذه العادات يعد مكونا للخطأ.

وأكثر صور الانحراف في السلوك وقوعا في الحياة العملية هو حدوثه نتيجة اهمال او عدم احتياط لا عن قصد فيه، وهو ما يسمي في الفقه التقليدي شبه الجريمة، أما الخطأ غير العمدي فهو انحراف في السلوك لا تقصد نتائجه ولا تتجه الارادة فيه الي الاضرار بالغير.     

الاصل هو استعمال حقك كيفما تشاء، لكن من الحكمه ومن مراعاة اخيك الانسان ان استخدامك للحق يأتي بالسلب عالغير، بمعني أن تمتلك أرض زراعية وتخصص لها مسقاة مياة وتكون هذه المسقاة تروي ارضك،  بحيث تمنع هذه المسقاة الطريق علي الغير بان يشق له هو الاخر مسقاة خاصة بأرضة او تمنعه ان يسقي ارضه من المسقاة الخاصة بك،  فالحقيقة أن التعسف هو الاساءة في استخدام الحق.     

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
×