علوم وثقافة

المستشار مينا طلعت يكتب عن … مبدأ حسن النية

مبدأ حسن النية  هو أحد المبادئ الاخلاقية التي تشكل القانون المدني،  و يعد جوهر فلسفه القانون المدني أيضا، و يعتبر اللجوء الى مثل هذا المبدأ قد يخفف الكثير من صرامة بعض النصوص القانونية والتي قد يؤدي تطبيقه بحرفيته الى ما يخالف روح العدالة و جوهرها.  بل هو من اهم المبادئ القانونية سواء كان ذلك على مستوى القانون العام أو القانون الخاص،  و يعتبر مبدأ حسن النية ذو طبيعة موضوعية بحيث أنه اساس القواعد العامة للقانون.

 و الهدف منه هو جلب المنافع و الخير العام للمجتمع بشكل عام و للفرد داخل المجتمع بشكل خاص،   عندما وجد المشرع ان هناك بعض الناس أساءوا  في استعمال الحق تدخل المشرع  في وضع ضوابط استعمال الحق مستلهما ذلك من مبادئ الشريعة الغراء التي تقوم علي أنه لا ضرر و لا ضرار وأن درأ المفاسد مقدم علي جلب المنافع و أن الضرر الأشد يدفع بالضرر الأخف،  يرى اغلب الفقه أن المشرع يهدف منها تعزيز الجانب الأخلاقي في التعاقد .

و يظهر  مبدأ حسن النية في مجال العقود،  ضرورة أن يتحلى کلُ طرفٍ من أطرافِ العلاقةِ التعاقدية بالصدقِ و الأمانةِ و الإخلاصِ، و النزاهة ،و الشرف ،    و ألا يتناقض في تصرفاتِه أو أفعاله، بما يُنبئ عن سوءِ نيةٍ، وبحيث يکون مسؤولًا عن تعويضِ الأضرار التي تصيب الطرفَ الآخر جراء التصرف بسوء نية.

و هذا المبدأ يقودنا الي أحياء النزعــــــــــــــــــه الاخلاقية التي من خلالها تحقق العدالة ، و العدالة في معناهــا الشمولي:-” هي الانسجام والتوافق بين الانسان وذاته، و بهذه الرؤية تكون العدالة تحقق الانسانية،  و تكون العدالة ضد الفوضي و ضد الباطل،  لأن الباطل هو فوضي العلاقات الانسانية،  و تعد صرخة  علي الصفاء والانسجام في المجتمع، وجاء مبدأ حسن النية ليحمي الانسان من التعسف في استعمال الحق ضد أخيه الانسان.

 وهذا ما نجده في التقنين المدني في نص المادة (4):-“من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر “،  وأيضا نجد في نص المادة (5):-” يكون استعمال الحق غير المشروع في الاحوال الاتيه:-(أ)أذا لم يقصد به سوي الاضرار بالغير. (ب)اذا كانت المصالح التي يرمي تحقيقها قليلة الاهمية بحيث لا تتناسب البته مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها. (ج):-” اذا كانت المصالح التي يرمي الي تحقيقها غير مشروعة. وأيضا ما عبرت عنه نص المادة 148 من التقنين المدني:-” (1) يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مه ما يوجبه حسن النية “.

فمبدأ حسن النية کما هو مطلوبٌ بإلزامٍ في مراحل التفاوض على العقد وإبرامه و تنفيذه؛ فهو کذلک مطلوبٌ بذاتِ القدر من الإلزام و الأهمية في مرحلة إنهاء عقود المدة؛ فکما أن الدخولَ في علاقاتٍ عقدية يستلزم حسنَ النيةِ في الطرفين؛ فإن التحلل منها يستلزم کذلک من الطرفين التحلي بذاتِ الأمر.

و يمكن الاستدلال عليه من خلال مظاهره كالالتزام بحدود القانون وعدم الالتجاء في تنفيذ العقود إلى ما يخالف القانون كالغش والتواطؤ باعتبارها من مظاهر سوء النية .

وهناك ما يسمي بالعدالة التوزيعية، والتي تعتبر ضرورة لتحقيق الانسجام بين الفرد والمجتمع بحيث يتناسب ما يعود عليه مع ما يقدمه الي المجتمع، وفي العدالة التبادلية فان التساوي في تبادل القيم والخدمات بين الافراد معناه تحقيق التوافق والانسجام بين الانسان والانسان طرفي العلاقة.

فالعدالة هي انسجام وتوافق وهي ذات بعد اجتماعي وفردي تمليه طبيعة الانسان الفردية والاجتماعية في ذات الوقت .

وفي الختام أود أن اضع هذه الكلمات البسيطه أن أخلاق العداله تبدأ بفرض حسن النية أولا ، و ثم يتحقق تطبيق العدالة عند الانحراف عن حسن النيه واعلان سوء النيه وادخال الغش في التعاقد .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ان مجلة الكلمة هي مجله ساميه تهدف إلي التنوير والتسقيف المجتمعي من خلال نخبة تطوعيه من الأساتذة العظماء والمستشارين الاجلاءالقانونيين . منهم السيد المستشار / مينا طلعت امين المحامي . في مقالة اليوم عن حسن النية التي يفتقدها كثير من الناس إلا من رحم ربي وبالتالي تزج بهم لمشاكل قانونيه ومجعية تفضل سيادتة بالقاء الضوء عليها .زاده الله علما وحكمه ،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
×