د. صموئيل ماهر يكتب عن ….بدء بألإيمان والقوة الروحية
** أولاً : إكليل الاختيار :
ما أروع هذه البداية التى أعلنتها كلمة الله عن القديس استفانوس إذ تقول: ” فاختاروا استفانوس .. رجلاً .. ” (أع 6 : 5) وإن كان هذا الإختيار لخدمة معينة ولرتبة مقدسة ، إلا أن معلمنا بطرس الرسول يقول: ” وأما أنتم فجنس مختار .. وكهنوت ملوكي .. أمة مقدسة .. شعب اقتناء .. لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب ” (1بط 2 : 9) .. لقد اختارنا فيه قبل تأسيس العالم ، لنكون قديسين وبلا لوم .. (أف 1 : 4) .. لا .. لا .. لم يدعنا للنجاسة أو للشهوة الردية أو لنكون له عبيداً ويكون هو السيد القاسى المتكبر .. بل لنكون له أولاداً ويمتعنا بسلطان البنوية .. فما أروع حبه ويا لرقة أحشاءه ويا لسمو اختياره لنا ، نحن الذين كنا قبلاً أعداء فى الفكر بسبب خطايانا ..
وهذا هو ما سجله حزقيال 16 عن النفس البشرية التى كانت مدوسة بدمها فى خطاياها ، وكانت ملقاة على الرصيف بكراهة آثامها فعبر عليها المسيح وغطاها بثوب بره وعمدها بماء المعمودية ودهنها بزيت الميرون فنالت الروح القدس ، وألبسها ثوباً جديداً مطرزاً هو ثوب جماله وبهائه .. واستمر فى تجميلها حتى صلحت أن تكون ملكه بسبب بهائه التى جعله عليها .. أليس هذا هو المفهوم الروحى لإختيار الرب نحن الخطاة غير المستحقين ، لنا لنكون رعية مع القديسين وأهل بيت الله (أف 2 : 19) ؟؟
** ثانياً : قوة الأبكار :
لم يكن استفانوس مملوءاًُ إيماناً فحسب ، بل أثمر هذا الإيمان قوة روحية سماوية ، تمثلت فيما يلى :
1) شاب طاهر مقدس : نعم ، لقد كان شاباً مثقفاً متعلماً بكل حكمة اليونان .. لكن لم تشغله الحياة بمباهجها ، بل كان شاباً طاهراً مقدساً مختلفاً عن كثير من شباب جيله .. فلم يكن كشمشون الشاب المستبيح، بل كان كيوسف الشاب العفيف المنضبط ..
2) سكنى كلمة الله بغنى فى حياته : فنراه وهو يحاجج اليهود فى مجمع السنهدريم وهو المجمع الذى حكم على المسيح بالصلب ، نراه يتكلم بآيات وبقصص من الناموس فى طلاقة .. لقد سكنت كلمة الله فى قلبه بغنى ، بدلاً من الأغانى وألفاظ العالم غير الطاهرة ..
3) شاب ممتلئ حكمة : فما من شك أن من تسكن فيه كلمة المسيح بغنى، لا بد أن يصير أحكم حتى من معلميه (مز 119 : 99) .. فالمسيح هو الحكمة الذى من يشبع منه تفيح من حياته حكمة أكبر وأسمى من حكمة فلاسفة هذا الدهر ..
4) شاب له انتماء قوى للكنيسة : أى لجماعة التلاميذ فى ذلك الوقت ، فلم يكتف بأن يكون من ضمن المسيحيين العاديين الإسميين، بل كان معروفاً للآباء الرسل ، الذين رأوا حياة المسيح فيه ، وقرروا أن يختاروه لخدمة الأرامل
والمحتاجين ..
لقد عمل الروح القدس فى هذه البداية السماوية فى حياة هذا القديس ، ففاضت من بطنه أنهار ماء حى ، هى أنهار روح الله الذى عمل فيه ، وفى الذين سمعوه أيضاً .. وتمثلت فى :
1) الامتلاء من الروح القدس : روح القوة .. روح المعونة .. روح المحبة .. روح ضبط النفس ..
2) عمل قوات وعجائب عظيمة فى الشعب : ليس هو الذى عمل هذه العجائب ، بل الروح القدس الذى إمتلأ به استفانوس هو الذى عمل هذه العجائب ..
3) شهد للمسيح أمام مجمع السنهدريم ، وسجل الكتاب المقدس شهادته من الناموس الأنبياء عن المسيح ، والتى ختمها بتبكيت اليهود على عدم توبتهم بقوله : ” يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائماً تقاومون الروح القدس .. كما أباؤكم أيضاً ” (أع 7 : 51)
4) انطبعت عليه حياة المسيح ، فرأى السموات مفتوحة ، ولم ير الحجارة التى انهالت عليه دون قرار من المجمع بعد المحاكمة .. فطلب الغفران لقاتليه ، فرأى مجد الله ويسوع قائماً عن يمين الله ..
5) كانت كرازته وحياته وصوته كملاك وقت استشهاده .. كل هذا كان من العوامل المساعدة التى مهدت الطريق لقلب شاول الطرسوسى بعد أن تقابل مع المسيح فى الطريق إلى دمشق ، بأن قَبِلَ المسيح وفتح حياته له وصار فيما بعد الرسول بولس العظيم ..
6) أمتد العمل من جيل إلى جيل ، فبعد استشهاد استفانوس فى أع 7 ، استكمل فيلبس الشماس الثانى الخدمة فى السامرة ، ومع الخصى الحبشى فى أع 8