خدمة الروح والكلمةمقالات روحية

التبرير بدل الخطية … مينا جورج

مفهوم الخطية في العهد الجديد :

الخطية بالنسبة للعهد الجديد:  هي عدم السلوك بطبيعتك التي صارت تنتج صواب فقط او عدم السلوك بالايمان بالمحبة . فقد قال أحد الخدام أن الخطية هي أن تنسى هويتك الإساسية . “فَمَنْ يَعْرِفْ أَنْ يَعْمَلَ الصَّوَابَ، وَلاَ يَعْمَلُهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْسَبُ لَهُ خَطِيئَةً.” (يع17:4) . تأثر المسيحين بشكل عام والمؤمنين بشكل خاص بثقافات اخرى دينية مما أثر على المعتقد الإساسي لهم، فيختلف الإيمان المسيحي وتعاريف الخطية له عن أديان اخرى في معارفها عن الخطية، فقد طرد أدم بسبب عصيانه لكلام الإله وليس لجريمة معينة، فأدم لم يزني أو يسرق أو يقتل أو ينهب …الخ . أدم عصى الإله فقط فطرد من الجنة . فالخطية في العهد الجديد هي عدم السلوك بالقوانين الجديدة التي أصبحت في الطبيعة الجديدة ، فمثلا عدم السلوك بالأيمان والمحبة هو خطية  ” وَأَمَّا مَنْ يَشُكُّ، فَإِذَا أَكَلَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ، لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَنْ إِيمَانٍ. وَكُلُّ مَا لاَ يَصْدُرُ عَنِ الإِيمَانِ، فَهُوَ خَطِيئَةٌ.” (رو28:14).

كانت تراودني أسئلة في ذهني عندما كان الرب يسوع يصلي لشاب به أرواح شريرة ولم تستطع التلاميذ أن تحرره ، فقال لهم كلمة غريبة كانت تجعلني أتسأل ” ايُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ وَالْمُلْتَوِي ” فقد أقول لماذا الرب يسوع ربط بين الإيمان والإلتواء رغم أنهم موضوعين مختلفين، ولكن بعد ذلك فهمت أن الإلتواء هو عدم السلوك بالإيمان .فلابد أن المؤمن يسلك بطبيعته كما يسلك الإشرار بطبيعتهم الإبليسية ”  أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. (يو44:8). الشرير لم يندم على ما يقدمه من شر لإن هذا الشر نابع من داخله أي من طبيعته ، الشر دائما يأتي من داخله ولم يندم عليه. أن لم تكن هناك قوانين تحكم الدولة لكانت الجريمة أبشع وأقوي نسبة عن هذا. عندما أراد الشعب صلب الرب يسوع كان بعد ما رأوا بعيونهم الشفاءات والتحريرات التي أجراها الرب وكم الخير الذي صنعه، لكن سرعان ما أنساهم الشيطان هذه الإعمال ليملأ قلوبهم بالبغضة والكراهية والإنتقام من شخص برئ. كثيراً من الناس رغم ما يقدمه الرب يسوع من أجلهم ليرجعوا اليه الا أن سرعان ما ينسوا متمسكين بتعاليم الشيطان المسيطر عليهم. فالطبيعة الداخلية هي من تخرج بالشر”لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً فِسْقٌ قَتْلٌ سِرْقَةٌ طَمَعٌ خُبْثٌ مَكْرٌ عَهَارَةٌ عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ تَجْدِيفٌ كِبْرِيَاءُ جَهْلٌ. جَمِيعُ هَذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».(مر7) .

لقد رأيت شخص في أواخر حياته بسبب أنه كان معطي لإبليس مكاناً في حياته أنه نطق  الشيطان على لسانه إنه سيموته وهذا من كان يخطط له من سنين، وحدث بالفعل إنه مات بعد ساعات قليلة مما قاله الشيطان على لسانة، رغم أن هذا الإنسان سلم حياته للرب الا إنه لم يعيش بحسب الطبيعة الجديدة. ورأيت كثيرين كان الشيطان ينطق على لسانهم إنه سوف يقتلهم وكنت أرد عليه إنه لم يستطع وتحرروا من هذا القيد.

ماذا عن أكليل الشوك ؟

لم يحدث من الرب يسوع أي شئ مجرد صدفة أو سيناريو أحداث معينة، ولكن كل شئ كان يصنع مبادلة الهية بين الإله والأنسان أو إنه يرمز لشئ . فأكليل الشوك يبين :

  • يرمز للخطية التي حملها.
  • استهزاء من الجنود.
  • نبات نتج عن لعنة الارض.
  • إذا البر (الفعل والقول الصحيح) هو طبيعة.
  • و الخطية أيضا طبيعة وليست أفعال.

لماذا يخطئ البار ؟

“يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ.
 وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضاً.”
(1يو1:2) . عندما أقول أن الرب على قلبه أننا لا نخطئ قد يهاجمني البعض، رغم إنه وضع هذه الإمكانية فينا. في الكتاب المقدس يوجد مراحل روحية للإنسان كما مراحله الجسدية، هناك الطفل والشاب والرجل الناضج، نرى هذه الكلمات في اليونانية . المؤمن الطفل غير المؤمن البالغ.

لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ،وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. (عب13:5) .

في كثير من خدمتي رأيت بعض المؤمنين يزالون أطفال روحيين لعشرات السنوات. هناك من يصلي أن الرب يعلمه لينمو به ولكن لم يستجيب الرب لمثل هذه الصلوات، لأن هذا النوع يحتاج شبع من الكلمة وليس مجرد صلوات تخدر ضميره. لم يتعلم طالب العلم الا إذا التحق بمدرسة تعليم ولكنه لا يكفيه مجرد شغف بداخله. المؤمن الناضج هو من ينمو في علاقته مع الرب يوماً بعد يوماً بمواظبته على الكلمة و العلاقة الحميمية بالروح القدس. البر ( عمل الصواب والسلوك بالطبيعة الجديدة ) فيه نمو عن طريق الكلمة الكتابية .

ما معنى  كلمة “بــــار” ؟

البار هو: الإنسان الذي حُكم عليه من قبل محكمة السماء بالبراءة بأنه غير مذنب رغم إنه مذنب، لأن شخص يسوع قد دفع ثمن كل أفعاله وأخذ الدينونة كبديل عنه. ولأني أعرف أن اللاهوتين يحبون أن أكون مدقق في الألفاظ لابد أن أوضح فرق بين أثنين:

البرئ : هو من أثبتت الأوراق إنه غير مدان فحكمت عليه المحكمة بالبراءة.

المبرر : هو من أثبتت الأوراق إنه مذنب ولكن حكمت عليه المحكمة بالبرءة، هو ما يشبه العفو الرئاسي في القوانين الحالية.

البار: تعنى أن الشخص يقف أمام الإله غير مُدان بشيء أي وضعه سليم فهو في علاقة جيدة لا يوجد شيء ضده ولا يوجد ما يعكر علاقته بالإله.

الإله حجب وجهه عن يسوع لكي لا يحجب وجهه عنك عندما تخطيء. لا يوجد شوائب في علاقته نحو الإله أي علاقة غير ملوثة وعلاقة في قبول ورضى تام.[1]

كيف صار المؤمن باراً؟

( يسوع اكمل الناموس فألغاه – حُكم عليه بالموت – نُفذت العقوبة فيه) . وسوف نوضح ببعض الإيات هذه الفكره ، كيف صنعها يسوع لتكون أنت بار :

وَلَكِنَّ الإلهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ.” (رو8:5). بدم المسيخ أصبحنا نحت مبررون بلا عيب، فقد كان دم يسوع كفاية لتسديد جميع الديون السابقة والإتية.

لأَنَّ غَايَةَ النَّامُوسِ (أي مكان وصولها ونهايتها) هِيَ: الْمَسِيحُ لِلْبِرِّ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ.” (رو4:10) . هنا لابد أن نوضح نقطة هامة جداً وهي كيف أصبح الناموس ملغي في العهد الجديد. لقد الغي الرب يسوع الناموس وليس شطب الناموس ولكن تعديل الزمن الجديد. كنت في بداية حياتي أشعر وكأن في تناقض كبير بين العهد القديم والجديد في بعض الآيات وكأن الرب له شخصيتين. فكيف يكون ترابط للعهد القديم والجديد معاً وكيف الرب يسوع لم ينقضه رغم أيات متناقضة ” «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ (كان ناقص).” (مت17:5). وهنا ليس كما يفسره البعض في هذه الآية، هنا يقول الرب يسوع أن لم يأتي يإيمان أو شريعة جديدة أو دين جديد (رغم إيمانا أن المسيحية ليست دين) ولكنه جاء لأكتمال العمل لان الناموس كان ناقصاً ويحتاج الى اكتمال وهو عمل البر. وليست من الطبيعي أننا كمؤمنين نتمسك بالناموس لإنه لم يكن لنا، الناموس جاء لليهود ونحن الإمم ”  يُخْبِرُ يَعْقُوبَ بِكَلِمَتِهِ وَإِسْرَائِيلَ بِفَرَائِضِهِ وَأَحْكَامِهِ. لَمْ يَصْنَعْ (لم يعمل هذا لامة اخرى ) هَكَذَا بِإِحْدَى الأُمَمِ وَأَحْكَامُهُ لَمْ يَعْرِفُوهَا. هَلِّلُويَا.” (مز147 :19-20) .

وأريد أن أوضح معنين أولاً “

الدينونة : هي الحكم المستوجب النفاذ.

العقاب : هو تنفيذ الحكم فعلياً.

المسيح حمل الاثنين

التبرير بالايمان وليس بالاعمال كما يعلمون البعض ويرتبطون التبرير بالإعمال، لم أنسى أبونا مكاري يونان عندما قال للبعض أن كان التبرير بالإعمال لكانت السماء ملئانة بالإغنياء فقط لإنهم من يستطيعون العمل “وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً. (رو5:4) . وكلمة الفاجر ليس مجرد خاطي فقط ولكن لها معاني كثيرة وهي الفاسق – فاسد الاخلاق – المستبيح . الإيمان برر كل أنسان حتى أن كان مستبيح.

متى تبررنا ؟

قد تبررنا في صليب المسيح حينما دفع ثمن كل خطية ” أَيْ إِنَّ الإلهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحاً الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعاً فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. (كو19:5) . قد قدم الرب يسوع الصلح للآب مع الكل ( كل من يؤمن به ) ولكن الذي لم يؤمن به هو من فقد هذه الهبة والنعمة الإلهية . ولكن يبقى السؤال بما أن قدم الرب يسوع الصلح والتبرير للكل لماذا سيدخل البعض جهنم الإبدية ؟

الجواب هو شئ واحد لعدم الإيمان ” اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ الإلَّهِ الْوَحِيدِ. وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. (يو18:3). الدينونة جاءت لمن لا يؤمن بالمسيح ، فيظن بعض المسيحن أن الرب سيحاسبهم على أنواع الخطية وهناك كبائر وصغائر للخطية، ولكن هذا ليس إيمان مسيحي . الرب سيدين العالم على خطية واحدة عدم قبول المسيح ” مَتَى جَاءَ ذَاكَ (الروح القدس ) يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ. (يو8:16). هل لفت نظرك أن الروح القدس سيبكت العالم وليس المؤمنين ؟. الروح القدس لم يبكت المؤمنين. تستطيع أن أخطأت ترجع لطبيعتك الاولى ليس لكي يغفر لك الرب  ولكن لإنك لابد أن تسير بالطبيعة الجديدة التي لك  “فكل مولود من الإله، لا يمارس الخطيئة (اتِّباع نَهْج)، لأن طبيعة الإله صارت ثابتة فيه. بل إنه لا يستطيع أن يمارس الخطيئة، لأنه مولود من الإله. (ترجمة الحياة ).  أحتار الكثير من الشراح في مثل هذه الآيات كيف المؤمن لا يخطئ ، وهناك من رأي أن الإنسان لا يتمسك بالخطية، وهناك من رأي أن طبيعته لا تنتج خطية، وهناك من رأي أن المؤمن لا يتبع نهج الخطية ومناهجها.


[1] الحق المغير للحياة      

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
×